إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
فتاوى الصيام
176711 مشاهدة print word pdf
line-top
تقبيل رأس الإمام الشاب

س180: بعض الأئمة ممن رزقهم الله صوتا حسنا ورقة وخشوعا في القراءة، خصوصا من الشباب، لوحظ أن تقدير الناس لهم والثناء عليهم تجاوز حد الاعتدال، بل وصل الأمر أن يقوم الشيخ المسن بتقبيل رأس هذا الإمام الشاب فما مدى موافقة ذلك للشرع؟ وهل لكم من توجيه لهؤلاء المأمومين أن لا يبالغوا في المدح والثناء؟ وهل من نصيحة للأئمة لينجوا من حبائل الشيطان وكيده؟
الجواب: إذا كان هذا الصوت طبيعة وجبلة فلا مانع من ذلك، لكن على الإمام أن لا يبالغ إلى حد فيه شيء من التكلف الذي يخرجه عن حد الاعتدال، بل عليه أن يقرأ كما علمه الله، ويلزمه الإخلاص في قراءته وإصلاح النية، بأن يريد وجه الله والدار الآخرة، ولا يكون قصد الشهرة وانتشار الخبر عنه على ألسن الناس، كما أن عليه التواضع وتصغير نفسه واحتقار عمله، بأن لا يرى نفسه أهلا للتوقير ولا للاحترام، وعليه أن يمنع من يغلو فيه أو يعامله بما لا يستحقه، كما أن على المأمومين أن لا يصلوا به إلى حد التعظيم والتبجيل.
ولقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في غاية التواضع، وحث الصحابة على أن لا يرفعوه فوق منزلته التي أنزله الله فيها، كما روي عنه أنه قال: إنما أنا عبد، أجلس كما يجلس العبد، وآكل كما يأكل العبد رواه أبو يعلى برقم 4920، عن عائشة مطولا، وحسن الهيثمي في المجمع 19\9 إسناده
وروي عنه أنه قال: إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد رواه الطبراني بهما في مجمع الزوائد (9\ 20)
كما أن الواجب على العامة أن لا يبالغوا في هذا الاحترام والتوقير؛ لما فيه من الغلو الذي يخشى معه الغرور والإعجاب بالنفس، ومع ذلك فإن محبة المؤمنين بعضهم لبعض متأكدة لأجل الإيمان والعمل الصالح، ولكن أثر المحبة في ذات الله الاقتداء بالصالحين واتباع آثارهم والانتفاع بإرشادهم، ومعلوم أن كل عبد صالح مخلص لله تجب محبته على إخوانه، وأن الصغير عليه أن يحترم من هو أسن منه، وقد ورد في الحديث: إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه رواه أبو داود في الأدب باب: تنزيل الناس منازلهم إلخ، ولكن لا يتوقف الإجلال على تقبيل الأيدي والأرجل ونحو ذلك، وإنما يتمثل في السلام والاحترام والتقديم والتوقير ونحوه. والله أعلم.

line-bottom